الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.وفاة ملك الافرنج وأخبارهم بعده مع المسلمين. ثم توفى بقدوين ملك الافرنج بالقدس آخر سنة إحدى عشرة وخمسمائة وكان قد زحف إلى ديار بكر طامعا في ملكها فانتهى إلى تنيس وشج في الليل فانتقض عليه جرحه وعاد إلى القدس فمات وعاد القمص صاحب الرها الذي كان أسره جكرمش وأطلقه جاولي وكان حاضرا عنده لزيارة قمامة وكان أتابك طغركين قد سار لقتال الافرنج ونزل اليرموك فبعث إليه قمص في المهادنة فاشترط طغركين ترك المناصفة من جبل عردة إلى الغور فلم يقبل القمص فسار طغركين إلى طبرية ونهب نواحيها وسار منها إلى عسقلان ولقي سبعة آلاف من عساكر مصر قد جاؤا في أثر بقدوين عندما ارتحل ديار بكر فاعلموا أن صاحبهم تقدم إليهم بالوقوف عند أمر طغركين فشكر لهم ذلك وعاد إلى دمشق وأتاه الخبر بأن الافرنج قصدوا أذرعات ونهبوها بعد أن ملكوا حصنا من أعماله فأرسل إليهم تاج الملك بوري في أثرهم فحاصرهم في جبل هناك حتى يئسوا من أنفسهم وصدقوا الحملة عليهم فهزموهم وأفحشوا في القتل وعاد الفل إلى دمشق وسار طغركين إلى حلب يستنجد أبا الغازي فوعده بالمسير معه ثم جاء الخبر بأن الافرنج قصدوا أعمال دمشق فنهبوا حوران واكتسحوها فرجع طغركين إلى دمشق وأبو الغازي إلى ماردين إلى حشد العساكر وقصدوا الاجتماع على حرب الافرنج ثم سار الافرنج سنة ثلاثة عشر إلى نواحي حلب فملكوا مراغة ونازلوا المدينة فصانعهم أهلها بمقاسمهم أملاكهم وزحف أبو الغازي من ماردين في عشرين ألفا من العساكر والمتطوعة ومعه أسامة بن مالك بن شيرز الكاني والأمير طغان ارسلان بن افتكين ابن جناح صاحب ارزن وسار الافرنج إلى صنبيل عرمس قرب الاثارب فنزلوا به في موضع منقطع المسالك وعزموا على المطاولة فناجزهم أبو الغازى وسار إليهم ودخل عليهم في مجتمعهم وقاتلوه أشد القتال فلم يقاوموه وفتك فتكة شنعاء وقتل فيهم سرحان صاحب انطاكية وأسر سبعون من زعمائهم وذلك منتصف ربيع من السنة ثم اجتمع فل الأفرنج وعاودوا الحرب فهزمهم أبو الغازي وملك عليهم حصن آلات رب وزناد وجاء إلى حلب فأصلح أحوالها وعاد إلى ماردين ثم سار جوسكين صاحب تل ناشر في مائتين من الافرنج ليكبس حلة من احياء طيء يعرفون ببني خالد فأغار عليهم وغنم أموالهم ودلوه على بقية قومهم من بني ربيعة فيما بين دمشق وطبرية فبعث أصحابه إليهم وسار هو من طريق آخر فضل عن الطريق ووصل أصحابه إليهم وأميرهم مر من ربيعة فقاتلهم وغلبهم وقتل منهم سبعين وأسر اثنى ففاداهم بمال جزيل وأصناف عدتهم من الاسرى وبلغ إلى جوسكين في طريقه فعاد إلى طرابلس وجمع جمعا وأغار على عسقلان فهزمه المسلمون وعاد مفلولا والله أعلم..ارتجاع الرها من الافرنج. ثم سار بهرام أخو أبي الغازي إلى مدينة الرها وحاصرها مدة فلم يظفر بها فرحل عنها ولقيه النذير بأن جوسكين صاحب الرها وسروج قد سار لاعتراضه وقد تفرق عن مالك أصحابه فاستجاب لما وصل إليه الافرنج ودفعهم لأرض سنجة فوصلت فيها خيولهم فلم يفلت منهم أحد وأسر جوسكين وخاط عليه جلد جمل وفادى نفسه بأموال جليلة فأبى مالك من فديته إلا أن يسلم حصن الرها فلم يفعل وحبسه في خرت برت ومعه كلمام ابن خالته وكان من شياطينهم وجماعة من زعمائهم والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق..استيلاء الافرنج على خرت برت وارتجاعها منهم. كان مالك بن بهرام صاحب خرت برت وكان في جواره الافرنج في قلعة كركر فحاصرهم بها وسار بقدوين إليه في جموعه فلقيه في صفر سنة سبعة عشر فهزم الافرنج وأسر ملكهم وجماعة من زعمائهم وحبسهم مالك في قلعة خرت برت مع جوسكين صاحب الرها وأصحابه وسار مالك إلى حران في ربيع الأول وملكها ولما غاب من خرت برت تحيل الافرنج وخرجوا من محبسهم بمداخلة بعض الجند وسار بقدوين إلى بلده وملك الآخرون القلعة فعاد مالك إليهم وحاصرها وارتجعها من أيديهم ورتب فيها الحامية والله تعالى ولي التوفيق.
|